الموجزات القُطريّة
مصر
البيانات الأساسية


عدد السكان
100,388,073
(2019)
المصدر: البنك الدولي
الناتج المحلي الإجمالي
بالأسعار الجارية للدولار الأمريكي
$303 مليار
(2019)
المصدر: البنك الدولي
العِبء العسكري
1.40%
(2017)
المصدر: U.S.
Department of State
نسبة العسكريين
إلى القوى العاملة
1.40%
(2017)
المصدر: U.S.
Department of State
قادة الدولة
ذوو خلفية عسكرية
7 من 8
(حتى 2020)
باستثناء التعيينات المؤقتة
 
إجمالي عدد العسكريين
في الخدمة
بيانات 2020 | المصدر: International Institute for Strategic Studies
الاحتياط
بيانات 2020 | المصدر: International Institute for Strategic Studies
السياق

أثّرت القوّات المسلّحة بشدة على الأوضاع في مصر منذ الإطاحة بالنظام الملكيّ في عام 1952 وتأسيس الجمهورية في عام 1953. عزّزت حالة الحرب مع إسرائيل والانتشار العسكري في سورية (1958-1961) واليمن (1963-1967) أهمية القوّات المسلّحة في السنوات الأولى بعد تأسيس الجمهورية. وتولى ضباط من القوّات المسلّحة منصب الرئاسة منذ عام 1953 حتى يومنا هذا باستثناء عامين. وقد جعل ذلك الرقابة المدنية على المجال العسكري بعيدة المنال.

استفادت القوّات المسلّحة من المساعدات السوفياتية خلال الحرب الباردة، لكنها أصبحت ثاني أكبر مُتلقٍّ للتمويل العسكري الأجنبي الأمريكي بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979، حيث تلقت منذ ذلك الحين 1.3 مليار دولار سنويًا، باستثناء عامين. إن دعم مصر العسكري للعراق خلال حربها ضد إيران (1980-1988) ودعمها للتحالف العسكري لتحرير الكويت (1990-1991)، عزّزا من أهمية القوّات المسلّحة في التحالفات العسكرية مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الولايات المتحدة الأمريكية.

تعتمد مصر، بشكلٍ كبيرٍ، على المساعدات الأجنبية لتلبية احتياجات الدفاع، وتضع نفسها كحليفٍ للغرب في مكافحة الإرهاب ومعارضة النفوذ الإيراني وكبح الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا لضمان استمرار هذا الدعم. ومع ذلك، رفضت مصر نشر قوّاتها البرية لإسناد التدخل في اليمن بقيادة السعودية، بدءًا من عام 2015.

في المقابل، قدّمت مصر مساعداتٍ عسكريةٍ واستخباراتيةٍ إلى فصيل الجيش الوطني الليبي في الحرب الأهلية الليبية. وهدّدت بالتدخل المباشر في ليبيا في حزيران/يونيو 2020. ومع ذلك، عانت القوّات المسلّحة منذ عام 2011 في احتواء تمرُّدٍ مسلح في شبه جزيرة سيناء. كما تعمل مصر أيضا على خطة متعددة السنوات لتطوير بنيتها التحتية العسكرية واكتساب معداتٍ قتاليةٍ لحماية ممرّات الشحن في البحر الأحمر وحقول "الظهر" للغاز الطبيعي في السواحل المصرية في البحر الأبيض المتوسط.

النقاط الرئيسة

  • تتمتّع المؤسسة العسكرية بمستوياتٍ عاليةٍ من التماسك والاستقلالية عن سيطرة وإشراف المدنيين، مما يضعفُ من فعاليّة مؤسسات الدولة الأخرى.

  • أدّى الدور المركزي للقوّات المسلّحة في الحفاظ على النظام السياسي الحاكم وتشكيل الرئاسة إلى القضاء على أو تهميش الأحزاب السياسية والجماعات التي يمكن أن تلعب دورًا فعالًا في الحوكمة.

  • تُمثّل القوّات المسلّحة المجتمع عمومًا وتساهم في بناء الوطن، لكنها تمنع المواطنة التشاركية من خلال الترويج لنزعة قومية يُعطي الأولوية لسيطرة الدولة على الحياة المدنية.

  • إنّ غياب الرقابة المدنية على تمويل الدفاع وإنفاقه يُقلل من فعالية المؤسسة العسكرية ويسمح لها بالانخراط في أنشطة مُدرّةٍ للدخل ذات جدوى تجارية مشكوك فيها ومنفعة اقتصادية متدنية.

  • مع أن إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي قامت بتنويع مصادر استيراد الأسلحة ورفعت مستوى القدرات العسكرية، إلا أن قدرة القوّات المسلّحة على تقديم أداءٍ فعّال في ساحة المعركة لا تزال موضِع شكّ.

هيكل الدفاع
الاستقرار المؤسساتي

منح الدستور المعدّل لعام 2019 القوّات المسلّحة الحق في التدخل في السياسة الوطنية والحكومة حسب تقديرها الخاص. كما يُعطيها مكانةٌ فوق الدستور، على الرغم من أن الرئيس يتمتع بسلطةٍ رسمية وحقيقية كبيرة في شؤون الدفاع كرئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوّات المسلّحة. إن مجلس الدفاع الوطني، الذي أعاد الرئيس السيسي تفعيله عام 2014 والخاضع لرِئاسته، لا يتخذ قراراتٍ ذات أهمية قصوى. وبدلًا من ذلك، تنجم أهم القرارات عن عمليةٍ غير رسميةٍ يشارك فيها رئيس الجمهورية ووزير الدفاع والأعضاء الرئيسون في المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة، والذي يمكن أن ينعقد بمشاركة مجلس الأمن القومي في تموز/يوليو 2020.

ومن بين المسؤولين المدنيين القلائل الذين يحضرون اجتماعاتٍ مجلس الدفاع الوطني رئيس الوزراء ووزير المالية ورئيس مجلس النواب. ومع أنهم مُطّلِعون على البنود الرئيسة لميزانية الدفاع، لكن ليس لهم ولا للهيئات المدنية -بما في ذلك السلطة التشريعية وهيئات التدقيق المالي العامة والقضاء- سُلطة أو إشراف على الميزانية أو التعيينات القيادية أو أي جانبٍ أو وظيفة أخرى للقوّات المسلّحة.

 
وثائق قانونية أساسية

لا تخضعُ القوّات المسلّحة لقانون دفاع وطني، وبالتالي فإن علاقتها بمجلس الوزراء والرئيس تتشكل بواسطة عوامل سياسية وغير رسمية أكثر من كونها تتشكل في إطارٍ قانوني. رئيس الجمهورية هو أقوى صانع قرار في شؤون الدفاع، لكن قُدرته على وضع سياسة دفاعية شاملة والتكليف بمهامٍّ عملياتية تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على اكتساب تأييد كبار الضباط العسكريين لهذه القرارات.

وفقًا لدستور 2019، يكون وزير الدفاع من ضباط القوّات المسلّحة، ولكن على الرغم من كونه القائد العام، إلا أنه مُقيد بضرورة مراضاة الضغوط المُتناقضةٍ أحيانًا من رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقوّات المسلّحة. وتلعب وزارة الدفاع وجهاز المخابرات العامة الذي يعمل فيها ضباط القوّات المسلّحة بكثافةٍ، أدوارًا قيادية في وضع السياسة الخارجية لا سيما فيما يتعلق بليبيا والسودان وقطاع غزة الفلسطيني.

وتوفِّر المؤسسة العسكرية، بصفةٍ دوريةٍ، السلع والخدمات للمواطنين، مما يعكس ويزيد من تفاقم أوجه القصور في هيئات الدولة المدنية. كما تُسيطر وزارة الدفاع والمؤسسات العسكرية الأخرى على أموالٍ ضخمةٍ من خارج الميزانية، مما يعطل السياسات الحكومية ويقوّض ديناميات السوق. إنّ المئات من كبار الضباط المتقاعدين الذين يشغلون مناصب بيروقراطية وفي الإدارة المحلية وقطاع الأعمال العام، غالبًا ما يُقِّوضُون أداء مؤسسات الدولة المدنية هذه.

تتولى القوّات المسلّحة مهام الحفاظ على النظام العام، وذلك جزئيًّا من أجل معالجة أوجُه القصور في أجهزة إنفاذ القانون التابعة لوزارة الداخلية والأمن الداخلي. وكانت العلاقات بين وزارتي الدفاع والداخلية متوتّرة تاريخيا، لكنهما تشهدان حاليا تقسيمًا واضحًا نسبيًّا للعمل في أمن الحدود ومكافحة الإرهاب.

وغالبًا ما يتعدّى نظامُ القضاء العسكري على المجالات التي تخضع عادةً للصلاحية القضائية المدنية. وأدّت إعادة فرض قانون الطوارئ في نيسان/أبريل 2017 إلى توسيع دور القوّات المسلّحة في إنفاذ القانون مع تعليق المُراجعة القضائية. وردًّا على تفشّي جائحة كورونا في نيسان/أبريل 2020، منح التعديل الرئاسي للقانون المُدّعين العسكريين صلاحية مساعدة النيابة العامة لمقاضاة الجرائم التي يرتكبُها المدنيون.

النظام السياسي

تَمرُّد سيناء
أدّت اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1979 بين مصر وإسرائيل إلى نزع السلاح من شبه جزيرة سيناء، ممّا حدّ من قُدرة القُوات المسلحة المصرية على الحفاظ على سيطرتها وسهّل عمليات التهريب وتقديم الدعم العسكري لغزة. وبدأت الهجمات المسلحة على أهدافٍ عسكرية ومدنية من قبل مُتمرّدي سيناء بعد احتجاجات عام 2011 التي أدّت إلى الإطاحة برئيس الجمهورية آنذاك، حسني مبارك. في عام 2015، احتلّ مُقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية بلدة الشيخ زويد لفترةٍ وجيزةٍ وأعلنوا "إمارة سيناء" التي لم تدُم. وقد قُتل المئات من المدنيين والمسلحين والجُنود في أعمال العُنف حتى عام 2018، بما في ذلك 311 مُصلِّيًا في هجوم جامع الروضة في تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

لقد استخدمت القوات المسلحة المصرية استراتيجيةً لمُكافحةِ التمرّد تجمع بين مهمّات "البحث والتدمير" وعمليات الاحتواء، كفرض نقاط التفتيش والحواجز وحظر التجوُّل وإقامة المناطق العازلة على طُول حُدودِ قطاع غزة. أفادت تقاريرُ مُنظّمات حُقوق الإنسان عن سلسلةٍ من الاعتقالات التعسُّفية وهدم المنازل بشكلٍ غير قانونيٍّ وإخلاء منازل عشرات الآلاف من السكان. نجحت تكتيكات مُكافحة التمرّد للقوات المسلحة في احتواء التمرّد في شبه جزيرة سيناء ومنعته من الانتشار إلى بقية الأراضي المصرية، لكنّها لم تضع له حدًّا نهائيًّا. وفشلت "عملية النسر" في عام 2011 و"العملية الشاملة سيناء" في عام 2018 كلتاهما إلى حدّ كبير في تحقيق هدفهما المُعلن المتمثِّل في "القضاء على الإرهاب".

لم تُوفِّر القوات المسلحة معلوماتٍ بشأن تقدُّمها في هذا المجال مُنذ آذار/مارس 2019، وتعثُّرت جُهودها بسبب غياب الإشراف المدني على صياغة سياسة الأمن القومي وتنفيذها، وغياب المُساءلة عند فشل تلك السياسات. وفي عام 2020، تبنّى المتمرّدون المسؤولية عن عشرات العمليات التي جُرح أو قُتل فيها أكثر من خمسينَ من العسكريين والمدنيين.

تتدخّل القوّات المسلّحة بشكلٍ روتيني في السياسة. ولعبت دورًا رئيسًا في الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 والتخلص من الرئيس السابق محمد مرسي في عام 2013، مُوضِّحةً بذلك أنها ترى التزامها بالحفاظ على النظام الدستوري يتوقف على وجود رئيسٍ ينحدرُ من صفوفها وملتزم بالحفاظ على مصالحها الأساسية. كان للمؤسسة العسكرية دور أساسي في الحصول على التعديل الدستوري لعام 2019 الذي منحها الحقّ في التدخُّل في السياسة الوطنية والحكومية حسب ما ترى. ومع أنها نجحت في تدعيم الأمن منذ عام 2013، إلا أن ذلك جاء مصحوبًا بانتهاكات حقوق الإنسان والاستقطاب السياسي والقضاء على - النظراء القادرين على المساعدة في اجتياز التحديات الاقتصادية والمالية الشديدة التي تواجهُ مصر.

كانت القوّات المسلّحة أحد أركان النظام السياسي الحاكم الذي نشأ في عام 1953، وهي الشريك الأقوى في ائتلاف مؤسسات الدولة التي تحكُم مصر منذ عام 2013. وتعدّ المؤسسة العسكرية الشريك الأكثر خبرة في تقاسم العمل مع أجهزة إنفاذ القانون والأمن الداخلي. لكن اعتماد الرئيس السيسي الشديد على القوّات المسلّحة للحكم قد ضيّق من قاعدته السياسية وجوَّف هيئات الدولة المدنية.

لا تهتم المؤسسة العسكرية بشكل واضح في تشكيل الحكومة أو اختيار الوزراء. ولا يمارس وزير الدفاع تأثيرًا رئيسًا أو روتينيًّا على سياسات الحكومة في المجالات غير الدفاعية باستثناء السياسة الخارجية. ولا يعارض المدنيون في السلطة القوّات المسلّحة حتى إن اعتبروا -بشكلٍ شخصيٍّ- دورها ضارًّا. ويدرك السيسي التهديد المحتمل الذي قد تُشكّله القوّات المسلّحة، فيُعَيِّنُ العسكريين المقربين منه في المواقع الرئيسة، ويناوبُ كبار قادة القوّات المسلّحة بشكلٍ مُتكرِّرٍ بين المناصب، كما ويستفيد السيسي من دوره كرئيسٍ سابقٍ للمخابرات الحربية لضمان انصياع الضباط.

تعدّ المعايير الاحترافية ضرورية للترقية في القوّات المسلّحة، لكنها تأتي بعد أهمية الولاء الشخصي للرئيس وكبار القادة العسكريين. ويكفل هذا الولاء تعيينات ما بعد التقاعد في الهيئات الحكومية أو في شركات القطاع العام، مما يضمن طاعة الضباط العسكريين أثناء الخدمة. وتتأثر التعيينات القيادية أيضًا بالشٍّلليّة المكوَّنة في دفعة التخرّج والكليّة العسكرية. ويحول تماسك القوّات المسلّحة وهويتها المؤسساتية دون إنشاء قوّاتٍ مسلّحةٍ موازيةٍ ترعاها الدولة ويمنع تأثير الحكومات الأجنبية داخل صفوفها.

مشاركة القوات المسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي
تويتر
التَغريدات
5,466
المتابعين
2,891,016
مُدرَج في قائِمة
1,399
فيسبوك
الإعجابات
7,849,301
المتابعين
8,030,472
يتَحدّثون عن هذا
376,825
يوتيوب
التحميلات
1,706
المُشتركين
492,000
المُشاهدات
115,458,425
(تموز/يوليو 2020) | المصادر: Social Blade, Foller.me, Ninjalitics
ترى القوّات المسلّحة أن دورها يكمنُ في خدمة المواطنين وإنقاذهم من المسؤولين المدنيين الفاسدين أو غير الوطنيين. ولا ترسخُ القوّات المسلّحة احترام السلطة المدنية أو القيم الديمقراطية الليبرالية. وتعتقد أن وطنيّتها ومهاراتها الإدارية المتفوقة ميزاتٌ من شأنها أن تُبرر دورها القيادي للبلاد. يُؤثّرُ المتقاعدون العسكريون في مختلف أجهزة الدولة على سياسات الحكومة وعلى الإنفاق والشؤون المدنية.

يبدي المواطنون مستوياتٍ عالية من الثقة في المؤسسة العسكرية. ويعود ذلك إلى توزيعها الواسع النطاق للسلع والخدمات والتزامها بأجندةٍ سياسيةٍ وطنيةٍ بدلًا من أجندةٍ سياسية حزبيةٍ. ومع ذلك، فإن القوّات المسلّحة تدافع عن رئاسة تمكنت من القضاء على القوى السياسية المستقلة، وتُرهب دوريًا الجمعيات الاجتماعية والمهنية. تسعى الأجهزة العسكرية، إلى جانب جهاز المخابرات العامة، للسيطرة على الخطاب العام. ومن أجل ذلك اشترت أو استولت على مجموعةٍ واسعةٍ من شركات الإنتاج والتوزيع الإعلاميّ.

 
بناء الوطن والمواطنة

تُمثّلُ القوّات المسلّحة شريحةً واسعةً من المجتمع المصري، مع ما يقارب مليون عسكري يعملون في الخدمة الفعلية والاحتياطية. لكن سمتها الاجتماعية متباينة بين سلك الضباط والمنتسبين والمجندين. تُمثّل القوّات المسلّحة إلى حدٍّ كبيرٍ، نفس الطبقات المتوسطة والطبقة المتوسطة الدنيا التي تمثلها هيئات الدولة ككل. إن الأقباط غير ممثلِّين تمثيلًا كافيًا في صفوف كبار الضباط، لكن القوّات المسلّحة لا تُقيِّدُ بشكلٍ نشطٍ التحاقهم بالكليات العسكرية. في المقابل، تمنع عملية كشف الهيئة الرسمية المنتمون إلى طبقاتٍ اجتماعية ذات دخل منخفض أو ذوي الانتماءات الإسلامية من الالتحاق بالكلية. كما يمنع المنتسبين من التقدّم إلى رتبة ضابط، مما يعزّز الحواجز الطبقية.

يساهمُ التجنيد الالزاميّ الشامل في دعم فكرة أن القوّات المسلّحة مؤسسةً لبناء الوطن تدعم المواطنة وتُجسر الفجوات بين الطبقات الاجتماعية. وللعديد من العائلات أفرادٌ في القوّات المسلّحة إما كمنتسبين متعاقدين أو كمجندين. ويرى هؤلاء أن القوات المسلحة تنتمي إليهم وهم إليها، على الرغم من أن انتقال الضباط من الطبقة الوسطى من أحياء المدن الداخلية إلى الضواحي والمجمعات السكنية المسوَّرة قد أضعف من هذه الصورة التمثيلية للقوّات المسلّحة.

تعتمد شرعيةُ دور القوّات المسلّحة في المجتمع على ما تقدمه للمواطنين، أكثر من أي دور لها في بناء دولةٍ قانون. ويقدرُ المواطنون الفقراء دورها في توفير السلع والخدمات المدعومة. بينما من المرجح أن يركز مواطنو الطبقة الوسطى على دور القوّات المسلّحة كحصنٍ منيعٍ في وجه الخصوم المحليين وأمام انعدام الأمن والعنف اللذين يؤثران على دول عربية أخرى. تختلفُ المؤسسة العسكرية أيضًا مع المسؤولين والممثلين المدنيين الذين كثيرًا ما يراهُم الجمهور العام فاسدين وغير أكفاء ويخدمون مصالحهم الشخصية.

لا تنظر المؤسسة العسكرية إلى المجتمع من خلال الهويات الجماعية. ولا ترى القوّات المسلّحة أي جماعة بعينها عَدُوّةً طبيعيةً للدولة، على الرغم من أنها قد ترى السكان المحليين في سيناء وجنوب مصر وغربها خارجين عن الأغلبية الإثنية القومية. وتُرسخ المؤسسة العسكرية لعداءٍ عميقٍ ضد الإخوان المسلمين. كما أن القوّات المسلّحة مترددة في تنسيب وإدماج النساء في صفوفها، إذ يقتصرُ دور الإناث على المهام المكتبية والطبية والإعلامية. ولم يبدأ تنفيذ وعود الحكومة والمؤسسة العسكرية للعمل على تخطيطٍ سياساتي وبرامجي متعلق بإدماج الإناث.

في محاولةٍ منها لكسب القلوب والعقول في صفوف الفئات المجتمعية ذات الدخل المنخفض، تعلن القوّات المسلّحة عن مساهمتها في بناء البنية التحتية العامة والمساكن لذوي الدخل المنخفض وفي المشاريع التنموية في المجتمعات المحلية وكذلك في مهام توزيع الغذاء على المحتاجين. وتقوم المؤسسة العسكرية بسدّ الثغرات على مستوى الإمداد الغذائي عن طريق إدارة المخابز والمسالخ واستيراد الدواجن واللحوم رخيصة الثمن بالجملة. كما توفّر القوّات المسلّحة خدماتٍ طبية بأسعارٍ مُخفضة للمواطنين وتشارك في الحملات الوطنية في مجال الصحة العامة.

تراعي القوّات المسلّحة رضا الطبقة المتوسطة من خلال توفير خدمات الفنادق والنوادي والمنتجعات العسكرية برسومٍ منخفضةٍ، إضافةً إلى تمتعهم بإمكانية التزود بالسلع والأجهزة الاستهلاكية بأسعار معقولةٍ. كما تنظمُ الهيئات والشركات العسكرية برامج تدريبية في المهارات الفنية والإدارية القابلة للتسويق في القطاعين العام والخاص، وتستثمر المؤسسة العسكرية في تشكيل وتوجيه الرأي العام بواسطة المحتوى الإعلامي من إدارة الشؤون المعنوية للقوّات المسلّحة وشبكتها من المؤسسات الإعلامية.

العسكريون في الخدمة مقابل القوى العاملة
الميزانية والاقتصاد

الاقتصاد العسكري
تُنتِج الصناعات الحربية والهيئات الأخرى التابعة لوزارة الدفاع وللقوات المسلحة المصرية مجموعةً كبيرة من السلع والخدمات المُعدَّة للاستخدام المدني. وتشمل هذه البنية التحتية العامة والإِسكان والأجهزة المنزلية والسلع الاستهلاكية الأخرى والمواد والمكونات الكيميائية الصناعية والمركبات والمعادن الخامّ والمُحوّلة والخدمات الإدارية. تُقدِّم الحكومة النشاط الاقتصادي العسكري على أنه يُساهمُ في التنمية القومية ويولّدُ مداخيل للدولة ويكسِرُ الاحتكار ويدعم استقرار الأسعار في الأسواق المدنية.

بيد أن جدوى النشاط الاقتصادي العسكري محل تساؤل. تتمتّع الهيئات العسكرية بإعفاءاتٍ ضريبيةٍ وجُمركية واسعة وأسعار صرفٍ تفضيليّةٍ للعملات الأجنبية وأنواع أخرى من الدعم، وتحتفظ بجميع الأرباح في حين تُحوِّل الخسائر إلى خزينة الدولة. تُستخدم المداخيل لزيادة الرواتب العسكرية ومُشاركة الأرباح بين كبار الضباط وإنشاء البنية التحتية العسكرية، لاقتناءِ وصيانة الأسلحة التي لا تُغطّيها المُساعدة العسكرية الأمريكية. إن الإعفاء من الرقابة والتدقيق الماليين يَحوُل دون التحقُّق من الكلفة مقابل الفائدة من الإنتاج العسكري للسلع والخدمات العامة أو من كيفية استخدام مداخِيلها.

لا تُنتج الصناعة الحربية سوى التكنولوجيا العسكرية التقليدية أو المتقادمة ولا تُصدِّرُ شَيئًا منها تقريبًا، وغالبًا ما تكون خُطوط إنتاجها المدنية خاسرة. وتعتمد جميع الشركات والهيئات العسكرية على العقود الحكومية التي تُمنح على أساسٍ غيرِ تنافُسيٍّ. إن آلاف الضباط المُتقاعدين العاملين في شركات قطاع الأعمال العام والهيئات العامة والحُكم المحلي يوجِّهون العُقود لصالح الهيئات العسكرية، كما أَذِنَ الرئيس عبد الفتاح السيسي لتلك الهيئات بتشكيلِ الشركات التجارية للمنافسة في الأسواق المدنية. إن توسُّعها في مجالات العقارات والسلع والسياحة يُعطّل القطاع الخاصّ ويُزاحمه على الوصول الى القروض الائتمانية.

يراجع مجلس الدفاع الوطني البنود العامة فقط لميزانية الدفاع بحضور عددٍ قليلٍ من أعضائه المدنيين الرئيسين. ويقتصر الإشراف البرلماني على المصادقة على موازنة الدفاع كبندٍ واحدٍ. ويتمتع الرئيس وحده ووزارة الدفاع بالمعرفة والسيطرة على الصورة الإجمالية لتمويل قطاع الدفاع وإنفاقه. ويمنع القانون نشر أو مناقشة ميزانية الدفاع أو أية تفاصيلٍ أخرى باستثناء البيانات التي ينشرها الناطقون العسكريون الرسميون.

تُعدّ ميزانية الدفاع نسبةً متواضعةً من الناتج المحلي الإجمالي ومن ميزانيات الدولة العامة، لكنها لا تعكس المدى الكامل لتمويل وإنفاق قطاع الدفاع. توفر النشاطات الاقتصادية العسكرية وعقود الأشغال العامة والاستثمارات والمساعدات الخارجية والصادرات الحربية مداخيلًا خارجة عن الميزانية. ويبدو أنه يتم تغطية تكلفة اقتناء نُظُم الأسلحة الجديدة بواسطة التمويل العسكري الأجنبي الأمريكي أو قروضٍ من البنوك الأوروبية التي يتعين سدادها. ومن غير الواضح ما إذا كانت نفقات التدريب والصيانة والتحديث لهذه النُظُم على مدى حياتها، مُدرج ضمن تلك النفقات أم لا.

تنقل المؤسسة العسكرية نفقات الاستثمار والخسائر من شركاتها إلى الخزينة العامة، ولا تُحاسب على المداخيل المهدورة بسبب الإعفاءات الضريبية والجمركية العسكرية، وأسعار صرف العُملات الأجنبية الملائمة، وتكاليف الإنتاج المدعومة أو المجانية كاليد العاملة والطاقة والمياه. كما تستفيدُ القوّات المسلّحة من البنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج التي يتم إنشاؤها على حساب المال العام، وتُثقل المعاشات العسكرية التقاعدية أيضًا إلى الميزانية العامة للدولة.

تحتفظُ وزارة الدفاع والهيئات العسكرية الأخرى بالمداخيل وفوائض الميزانية في صناديق تقديرية خاصة. ولا تقوم بفحص دفاترها المُحاسبية سوى هيئةٍ خاصةٍ تابعةٍ لوزارة المالية. وتنتج حوالي أربعٍ وسبعين شركة مملوكة من طرف المؤسسة العسكرية مُنتجات وخدمات دفاعية ومدنية بنفس الإعفاءات الضريبية والدعم والحماية التي تتمتع بها بقية المؤسسة العسكرية. وغالبًا ما يبدو أن رأس المال الاستثماري يأتي من هذه الصناديق الخاصة.

تهيمن الأشغال العامة على الاقتصاد العسكري وخاصةً الهيئة الهندسية للقوّات المسلّحة، التي زاد ربحها من طفرةٍ في عقود البناء منذ عام 2013. ويُموِّلُ جزءٌ من هذه المداخيل العلاوات والمكافآت العسكرية، وقد يُموِّلُ بناء بنية تحتية عسكرية واستيراد العتاد وصيانة المعدات.

للاقتصاد العسكري تأثيراتٌ متناقضةٌ. إذ تساهم الرواتب والمعاشات التقاعدية والمشتريات الدفاعية في الاقتصاد الوطني، كما أن مشاريع البنية التحتية العامة والإسكان من شأنها أن تُولد وظائف وأن تضفي القيمة المضافة. لكن، لا يوجد دليلٌ على أن الهيئات العسكرية أكثر كفاءةً من الشركات الخاصة، كما تعاني المشاريع التي تديرها المؤسسة العسكرية من التأخير والمحسوبية والتبذير، فهي تعتمدُ على التعاقد غير التنافسي وتُزاحم المنافسين المدنيين وتُعرقلُ الابتكار.

ويرتبط خطرُ الفساد المرتفع للغاية بعقودٍ فيها تحايل مُحتمل وأخذ عمولات غير قانونية وإساءة استخدام أصول الدولة واستخلاص الرسوم والرشاوي غير القانونية مقابل ترخيص استخدام أو إعادة تصنيف الأراضي التي تسيطر عليها وزارة الدفاع. يبدو أن فرض الرسوم والرشاوي غير الرسمية لتقديم الخدمات الروتينية أمر شائع. ولا تشمل صلاحية هيئة الرقابة الإدارية ذات النفوذ القوي التدقيق بالمؤسسة العسكرية، ويرأس هذه الهيئة ويتكون الفريق العامل بها بشكل كامل تقريبا من ضباطٍ عاملين ومتقاعدين من القوّات المسلّحة.

 
الإنفاق الدفاعي والناتج المحلي الإجمالي
الدفاع الوطني

إن الاختلال في توازن العلاقات العسكرية المدنية يحرم القوّات المسلّحة من الاستفادة من التحديات الجادة التي من شأنها تحسين قدُراتها وأدائها وتطوير استجابة أكثر فعالية للتهديدات والتحديات التي تواجهُ الأمن القومي. يؤدي اختلال التوازن هذا إلى غياب حافز المساءلة داخل المؤسسة العسكرية ذاتها، مما يعيق المراقبة والتقييم الرُوتينيّيْن اللذان من شأنهما أن يُعزّزا استخلاص الدروس والمبادرات القيادية والاستقلالية العملياتية. كما تقاوم القوّات المسلّحة نصائح مقدّمي المساعدة العسكرية الأجانب، مما يُعيق تطوير المهارات ومواكبة التطورات العالمية في الشؤون العسكرية.

وتُركّزُ القوّات المسلّحة على العقود بدل التركيز على اكتساب قدرة تخطيطٍ استراتيجيٍّ عسكريٍّ حقيقية، وتظهر مهاراتٍ محدودةٍ في مجال صيانة وإصلاح وتحديث المعدات ونُظُم الأسلحة. ويعكس الفشل الذريع والمستمر لعشر سنواتٍ في حلّ التمرّد المسلح الصغير في شمال سيناء هذه العيوب. كما يعتقد الضباط العسكريون الأجانب المسؤولون عن العلاقات العسكرية الثُنائية مع القوّات المسلّحة أن هذه القوّات لن تكون قادرةً حتى على القيام بعملياتٍ تقليديةٍ واسعة النطاق.

تتلقّى القوّات المسلّحة التمويل والموارد الكافية، سواءً من ميزانية الدولة أو من المساعدات الخارجية أم من النشاطات الاقتصادية العسكرية. لقد خصّصت إدارة الرئيس السيسي اهتمامًا سياسيًّا كبيرًا وموارد مادية لتطوير البنية التحتية العسكرية والحصول على نُظُم قتاليةٍ رئيسةٍ. كما تم استيراد أسلحةٍ بقيمة 8.8 مليار دولار تقريبًا بين عامي 2014 و2019. وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف قيمة الاستيراد للسنوات الخمس السابقة، مما يجعلُ مصر ثالث أكبر مستوردٍ للأسلحة في العالم.

في غياب عمليةٍ نظامية للقيام بمراجعة شاملة للدفاع الوطني، يتعذر على مصر تحديد احتياجاتها العسكرية وقياس مدى فاعلية هيكلية القوّات المسلّحة وعقيدتها القتالية ومُعدّاتها. ويزيد الغموض حول تمويل الدفاع وإنفاقاته إلى جانب الافتقار إلى الكفاءة المدنية في شؤون الدفاع، من صعوبة مراقبة وتقييم فعاليّة التكلفة في المجال العسكري. وينطبق هذا أيضًا على الصناعة الحربية المحلية التي تُنتج الأسلحة والذخائر ذات التكنولوجيا التقليدية فقط وتفتقر إلى القدرة على التأقلم الفني والابتكار تلبيةً لاحتياجات القوّات المسلّحة.

غالبًا ما تُفضل القوّات المسلّحة الحسابات السياسية والولاءات الشخصية على الكفاءة في اختيار الضباط للترقية أو التعيينات القيادية. ويُقوّض هذا الاحترافية العسكرية والقدرة على تقديم محصلات دفاعيةٍ وطنيةٍ فعالة. ويُثبطُ التركيز على الولاء والطاعة والتعلق الصارم بالتسلسل الهرمي من روح المبادرة والابتكار، مما يجعل القوّات المسلّحة غير قادرةٍ على الاستفادة من الإمكانيات الكاملة للضباط العسكريين المنتمين إلى الرتب المتوسطة والصغرى والاستخفاف بقيمة المنتسبين.

يُركّزُ تدريب الضباط بشكلٍ مفرطٍ على المهارات الفنية، ويعدُّ التعليم العسكري وسيلةً لتأمين الترقيات والوظائف المكتبية أكثر منه تطوير القدرة القيادية. وتتبع التمارين والمناورات التدريبية الخطوات المحددة سابقًا بصرامة عالية، مما يقوّض هدفها الأساسي المتمثل في الاستعداد لظروفٍ قتاليةٍ واقعيةٍ. وترفض المؤسسة العسكرية أية مشاركةٍ مدنيةٍ في شؤون الدفاع، مما يحرم القوّات المسلّحة من قُدراتٍ هامةٍ تشمل قدرات التخطيط والتحليل القائمين على البيانات. كما أن عدم الانفتاح على التدقيق والتغيير قد يُفضي أيضًا إلى ضعف الاستفادة الفعالة من الخبرة الدفاعية التي يوفرها مقدمو المساعدة العسكرية الأجانب.

واردات الأسلحة
ملاحظة: وحدة قيمة مؤشر الاتجاه هي وحدة قياس طورها معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI) لحساب حجم عمليات النقل الدولية للأسلحة التقليدية الرئيسية. وهي لا تمثل الأسعار الفعلية ولا يمكن مقارنتها مباشرة بأرقام الناتج المحلي الإجمالي أو الإنفاق العسكري.
المصدر: SIPRI
 
آخر التغريدات


تواصل معنا